هل يجوز تقديم صلاة العصر قبل السفر
هل يجوز تقديم صلاة العصر قبل السفر؟ وما حكم الجمع بين الصلوات؟ يعرف العبد جيدًا قيمة الصلاة وأدائها في أوقاتها، ومن اعتاد على عدم التقصير في العبادة لم يتمكن من تجاوز صلاته، حتى وإن كان مسافر في وقتها، لذلك يبدأ في التساؤل حول جواز صلاته للفرض قبل موعده، وذلك ما يمكن التعرف عليه مُفصلًا من خلال منصة وميض.
هل يجوز تقديم صلاة العصر قبل السفر
فريضة الصلاة من أهم أركان الصلاة فهي عماد الدين من أقامها أقام الدين ومن هدمها هدم الدين، وذلك ما أكد عليه صلى الله عليه وسلم في حديث شريف رواه الكثير من الصحابة رضي الله عنهم، فأول ما فُرض على المسلمين هي الصلاة وكان ذلك في ليلة الإسراء والمعراج.
فكان للمسلم أن يصلي 500 فرض في اليوم لكن نزلها المولى عز وجل إلى خمسة فروض فقط، لذا على المسلم ألا يترك صلاته مهما كان قدر انشغاله في الأعمال فالدين الإسلامي الحنيف أجاز الكثير من الأحكام التي تناسب الانشغال وقت الصلاة وعدم القدرة على أدائها في أوقاتها، فهل يجوز تقديم صلاة العصر قبل السفر؟
إن كان المسافر ينوي السفر ويتأكد أنه لن يتمكن من الإلحاق بوقت الفرض يمكنه أن يجمعه مع الفرض الذي يسبقه فيقوم بصلاة العصر مع صلاة الظهر أو صلاة العشاء مع صلاة المغرب، وفي ذلك تكمن الإجابة عن سؤال هل يجوز تقديم صلاة العصر قبل السفر؟
لا يمكن للمسلم أن يقوم بالجمع بين صلاتي العصر والعشاء أو الظهر والمغرب ولا حتى صلاة العصر والمغرب، فالجمع يجوز إن كانت صلاة العصر مع الظهر وصلاة المغرب مع العشاء فقط، فإن جواز تقديم صلاة العصر للمسافر مشروط بجمعه مع صلاة الظهر.
فروى معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال:
(أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في غزوةِ تبوكٍ، إذا ارتحلَ قبلَ زيغِ الشمسِ، أخَّرَ الظهرَ إلى أن يجمعَها إلى العصرِ، فيصليهِما جميعًا، وإذا ارتحلَ بعدَ زيغِ الشمسِ، عجَّلَ العصرَ إلى الظهرِ، وصلى الظهرَ والعصرَ جميعًا، ثم سار، وكان إذا ارتحلَ قبلَ المغربِ، أخَّرَ المغربَ حتى يصليها مع العشاءِ، وإذا ارتحلَ بعد المغربِ عجَّل العشاءَ فصلاَها مع المغرب).
توجد حالة أخرى يمكن أن يستخدمها المصلي عند السفر وهي صلاة القصر، حيث يصلي فيها المسافر الظهر ركعتان بدلًا من اثنان وكذلك العصر والعشاء، لكن المغرب يصليه ثلاث ركعات والفجر يصليه ركعتان، كما أكد حديث رسول الله صلى لله عليه وسلم أن المغرب ولفجر لا يمكن القصر فيهم وذلك في قوله:
(فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ).
وما يؤكد جواز ذلك ما رواه أبو جحيفة رضي الله فقال: (خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالهَاجِرَةِ، فَصَلَّى بالبَطْحَاءِ الظُّهْرَ والعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، ونَصَبَ بيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بوَضُوئِهِ).
اقرأ أيضًا:هل يجوز تقديم الصلاة قبل وقتها عند السفر
حكم الجمع بين الصلوات
أحكام الدين الإسلامي الحنيف تشير إلى عظمة المولى عز وجل ولينه في الحكم على العبد، حيث شرع أن يقصر المسافر في صلاته ترغبيًا في الدين وحبًا في الصلاة وتخفيفًا عليا نظرًا للمشقة التي يعاني منها أثناء سفره، فقد أكد على ذلك المولى عز وجل في قوله
(وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ).
كما روى ابن عباس رضي الله عنه أن رسول لله صلى الله عليه وسلم كان يجمع في الصلوات في قوله
(جمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الظُّهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ)،
فيجوز الجمع بين الصلوات في حالة إن كان المسافة المقطوعة تُبيح القصر والجمع وأن يكون في السفر مشقة وتعب، وفيما يلي توضيح أنواع السفر وموقف المُصلي فيها وهي كالتالي:
- السفر الواجب: وهو السفر الذي يقطعه المسلمين لأداء الحج أو العمرة أو الجهاز في سبيل الله عز وجل.
- السفر المُحرم: وهو السفر الذي يقوم به الشخص ليفعل ما نهى الله عز وجل عنه، مثل فعل المحرمات وقطع الطرق وبيع المواد المحرم تداولها.
- السفر المُباح: هو ما يقوم به الشخص لفعل أي شيء مباح لم يتجاوز حدود طاعة الله عز وجل ورسوله.
- السفر المكروه: وهو أن يقطع الشخص الطريق لوحده دون رفيق أو أن تقطع المرأة الطريق دون محرم.
اقرأ أيضًا: هل يجوز قصر صلاة العصر يوم الجمعة للمسافر
جواز تقديم الصلاة للمسافر بالطائرة
استكمالًا لإجابة سؤال هل يجوز تقديم صلاة العصر قبل السفر؟ يمكن الإشارة إلى أنه يمكن أن يقوم بأداء الصلاة في الطائرة إن حان وقتها وهو يتأكد أنه لن يتمكن من أدائها عند نزوله من الطائرة، أما لو كان يدرك أن الرحلة قصيرة يمكنه النزول من الطائرة والقيام بالصلاة يمكنه الانتظار ويكون ذلك الأفضل لأن الصلاة في الطائرة لا تتيح أداء الصلاة بهيئتها الكاملة.
اختلفت المذاهب الأربعة في الوقت التي يسمح للمسلم فيه أن يصلي صلاة الجمع أو القصر، وفيما يأتي بيان لرأي المذاهب في جواز الجمع والقصر في الصلاة من قِبل المسافر:
- المذهب الشافعي: يرى علماء المذهب الشافعي أن المسافر إن كان يخرج من حدود بلده أو نهاية العمران الخاص ببلده أو إن كان للبلد بر وهو قام بتجاوزه وسافر عبر البحر يمكنه الجمع والقصر في الصلاة خصوصًا في حالة جريان السفينة في البحر.
- المذهب المالكي: إن كان المسافر لا يرى البيوت المحيطة ببلده على مد بصره يمكن أن يجمع ويقصر في الصلاة، وإن كان يبعد ثلاثة أميال عن بيوته يجوز له الجمع والقصر في الصلاة، أما إن كان لا يتجاوز مسافة ثلاثة أميال بعيد عن بيوته لا يجوز قيامه بالجمع والقصر في الصلاة.
- مذهب الحنابلة: يكون المسافر من حقه أن ينفذ أحكام السفر في الصلاة فور خروجه من حدود بلده، حتى وإن كان بداخلها وتجاوز المران ولم يرى إلا الخراب يمكن الجمع والقصر في الصلاة.
- مذهب الحنفية: أما علماء مذهب الحنفية يرون أن المسافر يجب أن يكون متجاوز لمكان إقامته وما يتعلق به من مرافق المدينة مثل المقابر أو أي مظاهر عمرانية، لكن لا تعتبر البساتين والأراضي الزراعية من بناء المدينة.
اقرأ أيضًا: وقت الدعاء المستجاب الذي لا يرد بإذن الله
شرع الله عز وجل العديد من الأحكام التي تسهل أمور العبادة على المسلمين وذلك لمساعدتهم على أداء عباداتهم على أكمل وجه وعدم التقصير فيها حتى في أصعب الحالات.