هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ
هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ؟ يعتبر من الأسئلة التي تمس منطقة القضاء والقدر والذي هو من أسس إيمان المسلم، فلا يصلح إسلام الفرد إن لم يؤمن بالقضاء والقدر مثل إيمانه بالله والرسل والكتب السماوية، ولكن هل يشمل القدر اسم الزوج أو الزوجة؟ هذا ما سوف نتعرف عليه فيما يلي من خلال منصة وميض.
هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ
إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، كذلك قد كتب وقدر كل شيء قبل ولادة الشخص وقبل بدء وجود البشر على الأرض، وذلك يتجلى في الحديث الشريف الذي يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم قال -:
“كتبَ اللَّهُ مَقاديرَ الخلائقِ قبلَ أن يخلُقَ السَّمواتِ والأرضَ بخَمسينَ ألفَ سنةٍ، قالَ: وعرشُهُ علَى الماءِ” [حديث صحيح – صحيح مسلم].
فالإجابة عن سؤال هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ نعم مكتوب ومقدر من الله تعالى من قبل ولادة السيدة ومن قبل وجود الرجل على الأرض، وهو الأمر الذي لا يقبل الجدل أو الاعتراض عليه، فكل ما يكتبه الله علينا لا نملك سوى التسليم واليقين بأن كل ما يفعله ويقدره لنا خير.
على الرغم من أن كل شيء مكتوب ومقدر من قبل الله تبارك وتعالى إلا أن بعض القدر يمكن تغييره بالدعاء وبالعمل، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال:
“مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.” [حديث صحيح – صحيح البخاري].
من المهم أن يأخذ المرء بالأسباب في حياته، فالله منحنا الاختيار بين الجنة والنار وكذلك منحنا الاختيار بين القيام بالأفعال التي توصل للجنة والأفعال التي توصل للنار، وبعض الأمور قد قضاها لا محل في تغييرها وذلك لحكمة لا يعلمها غير الله تعالى.
اقرأ أيضًا: نصائح للمقبلين على الزواج
هل يمكن الهرب من الشخص المكتوب الزواج منه؟
الله قضى بعض الأمور علينا فلا يمكن تفاديها مثل الإصابة بأمراض وابتلاءات ومثل الزواج من شخص فهو قضاء من الله مهما فعل الإنسان فلن يتجنب وقوعه، والأدلة على ذلك عديدة منها قول الله تعالى:
(أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ) [سورة الحج – الآية 70].
كل ما سوف يمر به الفرد في حياته من مصائب وابتلاءات وأمور إيجابية كتبه الله وحفظه فلا يطلع عليه أحدًا من العباد، فيقول الله تعالى:
(إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ) [سورة يس – الآية 12]، وكذلك قول الله تعالى الذي يؤكد على أن ما كُتب للفرد سيراه: (قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ) [سورة التوبة الآية 51]
فما سبق ذكره من أدلة من كتاب الله تعالى يؤكد إجابة سؤال هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ.
اقرأ أيضًا: علامات الفتاة التي تريد الزواج
هل يتوقف الإنسان عن السعي ويستسلم للقدر؟
على الرغم من أن جواب سؤال هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ إلا أن ذلك لا ينفي أهمية السعي والتأني في الاختيار واستخارة الله تعالى وتحكيم العقل لما فيه الصالح للفرد، فعن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال:
“كُنَّا في جَنازَةٍ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ، فأتانا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَعَدَ وقَعَدْنا حَوْلَهُ، ومعهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ، ما مِن نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلَّا كُتِبَ مَكانُها مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، وإلَّا قدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أوْ سَعِيدَةً فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلا نَتَّكِلُ علَى كِتابِنا ونَدَعُ العَمَلَ؟ فمَن كانَ مِنَّا مِن أهْلِ السَّعادَةِ فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أهْلِ السَّعادَةِ، وأَمَّا مَن كانَ مِنَّا مِن أهْلِ الشَّقاوَةِ فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أهْلِ الشَّقاوَةِ، قالَ: أمَّا أهْلُ السَّعادَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعادَةِ، وأَمَّا أهْلُ الشَّقاوَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَن أعْطَى واتَّقَى وصَدَّقَ بالحُسْنَى” [حديث صحيح – صحيح البخاري]، [سورة الليل – الآية 6].
فبذلك يكون على الرغم من الله قد قدر الزواج واسم الزوج أو اسم الزوجة فيمكن رد هذا القدر بالدعاء وبالأخذ بالأسباب التي تركها لنا الله كحرية اختيار.
الكتاب المسطور
يقصد به الكتاب الذي تطلع عليه الملائكة ويحتوي على أقدار العباد، وهذا الكتاب يمكن تغيير محتواه بالأخذ بالأسباب والدعاء، فيمكن أن يتغير ما هو مسطور من زواج وخلافه من بعض الأقدار الأخرى، ولكن اللوح المحفوظ المقدر به وقت وفاة العبد ومكان موته وغيرها من الأقدار التي كتبها الله لنا لا فكاك منها ولا مجال لتغييرها.
اقرأ أيضًا: دعاء الزواج من شخص معين محمد العريفي
أقسام القدر
موضوع هل اسم الزوج مكتوب في اللوح المحفوظ يجعلنا نتطرق للحديث عن أقسام القدر، والذي هو ينقسم إلى قسمين اثنين أحدهما القدر المطلق والذي قضاه الله على العباد فلا مكن تغييره أو الهروب منه بأي شكل من الأشكال، ويُعرف أيضًا بالقدر المُبرم أو القدر المُثبت.
أما القدر الثاني والذي يُطلق عليه القدر المُعلق أو المقيد، وهذا هو القدر الذي كتب في كتاب الملائكة ويمكنهم الاطلاع عليه مثل الرزق والزواج وبركة العمر وغيرها وهذه الأقدار يمكن تغييرها بالدعاء وبالعمل الصالح وطاعة الله والأخذ بالأسباب والسعي.
العمر لا يمكن تغييره بالنقص أو الزيادة ولكن يمكن أن يبارك الله فيه من خلال الأعمال الصالحة وغيرها، فيقول شيخ الإسلام بن تيمية – عليه رحمة الله –” والأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله وأجل مقيد” أي أن العمر يكتبه الله بعدد السنوات والشهور والدقائق والثواني لا مفر من ذلك، ولكن يمكن أن يبارك الله في عمر الإنسان فيشعر أنه عاش الكثير من الوقت.
هذا ما يوضح حديث الرسول الكريم – محمد عليه الصلاة والسلام – حول أن الله يبارك في عمر من يصل رحمه.
كذلك الأمر ينطبق على الرزق، فهناك رزق يكتبه الله للعبد يحصل عليه حتى لو اجتمع العالم لأن يمنعه من ذلك، وهناك رزق خفي لا يدري به العبد كأن يبارك له الله فيما يرزقه إياه فيشعر كأنه يمتلك قدرًا كبيرًا من الرزق، وكذلك الرزق الآخر الذي يأتي على هيئة ذرية صالحة أو زوجة أو عمل أو أهل.
إن الله تبارك وتعالى لا يقدر لنا إلا الخير وما فيه مصلحة لنا، وقد احتفظ بالغيب والعلم بذلك لحكمة لا يعلمها إلا هو وليمحص المؤمن الحق من المؤمن ضعيف الإيمان.