دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح
ما هو دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح؟ وما حكم علماء الشريعة والفقه بشأن هذا الدعاء؟ حيث إن هناك مجموعة من المسلمين يجهلون صيغة دعاء القنوت، ويبحثون عنه عبر مواقع الإنترنت المتنوعة، ليتم قوله أثناء صلاة الصبح في الركعة الثانية أو بعد الانتهاء من الصلاة؛ لذلك نقدم إليكم هذا الدعاء الآن عبر منصة وميض.
دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح
توجد صيغة لدعاء القنوت وردت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكان يدعو به في صلاة الصبح؛ لذلك يرغب الكثير من المسلمين في معرفة هذا الدعاء للقيام به سنة عن نبي الله، حيث إنه ورد عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنه – :أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح:
“اللهمَّ اهدِنا فيمَن هدَيتَ وعافِنا فيمَن عافَيتَ وتوَلَّنا فيمَن توَلَّيتَ وبارِكْ لنا فيما أعطَيتَ وقِنا شَرَّ ما قضَيتَ إنَّك تَقضي ولا يُقضى عليكَ إنَّه لا يَذِلُّ مَن والَيتَ تَبارَكتَ ربَّنا وتَعالَيتَ” (المحدث: ابن الملقن).
كما ورد عن عبد الرحمن بن أبزى – رضي الله عنه –:
“أنهُ صلَّى خلفَ عمرَ فقَنَتَ فيها بعدَ الركوعِ وقال في قُنُوتِه اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ كلَّهُ ونشكرُكَ ولا نَكْفُرُكَ ونخلَعُ ونترُكُ من يفجرُكَ…”
“…اللهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشَى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكفارِ مُلْحِقٌ إلا أنَّ الخُزَاعيَّ قال ونُثْنِي عليكَ ولا نَكْفُرُكَ ونَخشَى عذابَكَ الجِدَّ” (المحدث: الألباني)، وكان هذا إحدى صيغ دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح.
علاوة على ذلك ورد عن الإمام عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
” أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يقولُ في آخرِ وِترِه: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ برضاكَ من سخَطِك وبمعافاتِكَ من عُقوبتِكَ، وأعوذُ بِك منكَ، لا أُحصي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ” (المحدث: ابن حجر العسقلاني).
اقرأ أيضًا: دعاء القنوت في رمضان مكتوب مختصر
حكم علماء الشريعة والفقه بشأن دعاء القنوت
بعد التطلع إلى صيغة دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح، من الجدير بالذكر أن نوضح حكم علماء الدين حول هذا الدعاء، حيث إن المالكية ذكروا أن القنوات ليس واجب ولكنه أمر مستحب القيام به في الصلاة، حيث ورد عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال:
“ما زالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقنُتُ في الفَجرِ حتى فارَقَ الدُّنيا” (المحدث: ابن باز).
بينما رأى الشافعية أن دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح يعتبر من السنن المؤكدة التي كان نبي الله – صلى الله عليه وسلم – يقوم بها كل يوم أثناء صلاة الفجر، ولكن كان رأى الإمام أبو حنيفة أن دعاء القنوت لا يجب قوله في أي صلاة سواء كانت صلاة الفجر أو غيرها.
ذلك لأنه دعاء خاص ومميز بصلاة الوتر فقط، كما ورد عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال:
“أنَّ رسولَ اللَّهِ قنتَ شَهرًا يدعو على حيٍّ من أحياءِ العربِ ثمَّ ترَكَهُ” (المصدر: صحيح النسائي).
اقرأ أيضًا: دعاء قنوت الوتر مكتوب كاملا
أحكام شرعية خاصة بالقنوت
بعد معرفة كيفية دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح، نجد أن مجموعة من علماء الفقه والشريعة المالكية والحنفية قالوا إنه من المُستحب أن يقوم المسلم بالجهر في صلاة الصبح بالدعاء، بينما علماء الشافعية قالو إنه لا يجوز الجهر به إلا للإمام فقط وأن الدعاء يُقال في سر المصلين.
بالإضافة إلى أن المالكية والحنفية لا يُفضلون رفع اليد أثناء دعاء القنوت وأن تكون اليد مرخية، بينما الشافعية والحنابلة يقولون إنه من المُستحب رفع اليد وجعلها على نفس مستوى الصدر أثناء دعاء القنوت.
اقرأ أيضًا: دعاء القنوت في التراويح
فضل صلاة الفجر
بعد التطلع إلى دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح، من الجدير بالذكر أن هناك فضل لصلاة الفجر في وقتها، والتي يجب على كل مسلم أن يعلمه، حيث إن هذا يجعله أكثر مداومة على تأدية صلاة الفجر في وقتها وعدم الانتظار إلى الصباح، ونذكر فضلها عبر النقاط التالية:
- من يُصلى الفجر حاضر يكون في رعاية وحفظ المولى – عز وجل – وعنايته أيضًا، حيث ورد عن جندب بن عبد الله – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “مَن صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّه مَن يَطْلُبْهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ علَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ” (المصدر: صحيح مسلم).
- تُعين صلاة الفجر المسلم وتساعده في دخول الجنة، حيث إن ورد عن أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه – أنه قال: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ” (المصدر: صحيح البخاري).
- تساهم صلاة الفجر في عتق رقاب المسلم من النار ونجاته من عذاب الآخرة، حيث إنه ورد عن عمارة بن رويبة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ، فَقالَ له رَجُلٌ مِن أَهْلِ البَصْرَةِ: آنْتَ سَمِعْتَ هذا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟
قالَ: نَعَمْ، قالَ الرَّجُلُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي” (المصدر: صحيح مسلم).
- عند الحفاظ على صلاة العشاء في وقتها وصلاة الفجر أيضًا، يأخذ المسلم ثواب وأجر قيام الليل كله، حيث إنه ورد عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “دَخَلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ المَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إلَيْهِ فَقالَ: يا ابْنَ أَخِي
سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ” (المصدر: صحيح مسلم).
- من المهم المداومة على قراءة القرآن الكريم بعد الانتهاء من صلاة الفجر، حيث إن هذا له ميزة وشعور خاص بعيدًا عن أي وقت آخر، كما ورد في كتاب الله – سبحانه وتعالى –: (َقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ أوَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء: 78].
- من يواظب ويحافظ على تأدية صلاة الفجر يتمتع بروح خفيفة ولطيفة، وعزة نفس وقوة في القلب، ويمد المولى – عز وجل – بنشاط في الجسد، حيث ورد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
“يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ” (المصدر: صحيح البخاري).
- ركعتان الفجر خير ما يمكن لأي مسلم القيام به في هذه الحياة الدنيا، حيث ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا” (المصدر: صحيح مسلم).
- تساهم صلاة الفجر في تطهير الروح والنفس من النفاق والكسل، وتعتبر من أصعب الصلوات المفروضة على كل مسلم، وتعمل على التفريق بين المسلم الحق والمنافق، حيث إنه ورد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
قال:
“إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ” (المصدر: صحيح مسلم).
يعتبر الدعاء هو الرابط والصلة التي تساعد على تقرب العبد من ربه، ويقوم فيه بالطلب والابتهال، كما يُفضل الدعاء في وقت الفجر، حيث إن الله تعالى يهبط إلى السماء الدنيا، ويسأل عباده الذين يُريدون أن يغفر لهم، ومن يُريد أن يدعو ربه ليستجيب له.